[b][size=9][b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b]مُحَمّد عليه الصلاة والسلام[/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/b]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b] [/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b]النبي الأمي العربي، من بني هاشم، ولد في مكة بعد وفاة أبيه عبد الله بأشهر قليلة، توفيت أمه آمنة وهو لا يزال طفلا، كفله جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب، ورعى الغنم لزمن، تزوج من السيدة خديجة بنت خويلد وهو في الخامسة والعشرين من عمره، دعا الناس إلى الإسلام أي إلى الإيمان بالله الواحد ورسوله، بدأ دع[/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b]وته في مكة فاضطهده أهلها فهاجر إلى المدينة حيث اجتمع حوله عدد من الأنصار عام 622 م فأصبحت هذه السنة بدء التاريخ الهجري، توفي بعد أن حج حجة الوداع.[/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b]محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) سيد الخلق وإمام الأنبياء، وحامل خاتم رسالات رب العالمين إلى الناس، النبي الأمي الذي سنتجول في دروب حياته، نتنسم سيرته، ونتعقب خطواته، ونتسمع أخباره، ونسعى في صحراء الجزيرة العربية نبحث، ونفتش ونقلب كتب التاريخ كي نتلمس آثاره، وفى رحلتنا تلك سنشاهد أحوال العالم قبل البعثة، ونطالع فصوب حياته قبل نزول الوحي، ونتفهم كيف بدأ الدعوة سرًا؟، وكيف جهر بها؟، وكيف خرج بها من مكة؟، بل كيف خرج هو -صلى الله عليه وسلم- من مكة مهاجرًا إلى مدينته المنورة، حيث أسس لدعوته الدولة التي تحملها للناس، وسنرى كيف جاهد ببسالة كفار قريش؟ دفاعًا عن مدينته، حتى وقعت بينهما الهدنة. وما كسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعدها قط، وما خلد إلى الراحة في دولته، بل جعل الهدنة فرصة ليثبت أمر الدين، وينشر نور الحق، إلى أن كان الفتح، وكان دخول الناس في دين الله أفواجًا. وفى رحلتنا تلك لن ننسى أن نلمح بيته ونعرف صفته، وندرك ما جعل الله على يديه من معجزات براقة.[/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b] [/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b]نستعرض هنا[/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b][b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b] سيرة المُصطفى (عليه أفضل الصلاة والسلام) في هذه الفصول التالية :[/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9]
[b]الفصل الأول
عام الفيل
إن الله تعالى يخلق ما يشاء ويختار{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَار}(القصص:68) خلق الإنسان وفضل بعضه على بعض، وخلق الزمان وفضل بعضه على بعض، وخلق المكان وفضل بعضه على بعض، ومن الأماكن التي اختارها سبحانه وفضلها على سائر بقاع الأرض، مكة المكرمة، التي فيها البيت العتيق، وهو أول بيت وضع للناس، وقد حرسه الله وحماه وأحاطه برعايته ورد عنه كيد المجرمين، ومن ذلك حادثة الفيل المشهورة التي سجل الله وقائعها في القرآن الكريم فما خبر هذه الواقعة ؟ هذا ما سنقف عليه في هذه الأسطر :
ذكرت كُتب السيرة أن أبرهة الحبشي كان نائباً للنجاشي على اليمن، فرأى العرب يحجون إلى الكعبة، ويعظمونها، فلم يرق له ذلك، وأراد أن يصرف الناس عنها، فبني كنيسة كبيرة بصنعاء ، ليحج الناس إليها بدلاً من الكعبة، فلما سمع بذلك رجل من بني كنانة دخل الكنيسة ليلاً، فبال وتغوط فيها ، فلما علم أبرهة بذلك سأل عن الفاعل فقيل له، صنع هذا رجل من العرب من أهل البيت الذي تحج العرب إليه بمكة ، فغضب أبرهة وحلف أن يذهب إلى مكة ليهدمها، فجهَّز جيشاً كبيرا، وأنطلق قاصداً البيت العتيق يريد هدمه، وكان من جملة دوابهم التي يركبون عليها الفيل-الذي لا تعرفه العرب بأرضها- فأصاب العرب خوفٌ شديد،ٌولم يجد أبرهة في طريقه إلا مقاومة يسيرة من بعض القبائل العربية التي تعظم البيت، أما أهل مكة فقد تحصنوا في الجبال ولم يقاوموه.
وجاء عبد المطلب يطلب إبلاً له أخذها جيش أبرهة، فقال له أبرهة: كنتَ قد أعجبتني حين رأيتُك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أخذتها منك، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك، قد جئتُ لهدمه، لا تكلمني فيه ! قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت رباً يحميه،
فقال أبرهة: ما كان ليمتنع مني
قال عبد المطلب :أنت وذاك.وأنشد يقول: لاهُمَّ إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك لايغلبنَّ صليبهم ومحالهم غدواً محالك إن كنتَ تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك
فلما أصبح أبرهة عبأ جيشه، وهيأَ فيله لدخول مكة ، فلما كان في وادي محسر-بين مزدلفة ومنى- برك الفيل، وامتنع عن التقدم نحو مكة ، وكانوا إذا وجهوه إلى الجنوب، أو الشمال ، أو الشرق، انقاد لذلك، وإذا وجهوه للكعبة برك وامتنع، وبينما هم على هذه الحالة ، إذ أرسل الله عليهم طيراً أبابيل (ومعنى أبابيل يتبع بعضها بعضاً) مع كل طائر ثلاثة أحجار، حجر في منقاره وحجران في رجليه، لا تصيب منهم أحداً إلا تقطعت أعضاؤه ، وهلك.
أما أبرهة فقد أصابه الله بداء، تساقطت بسببه أنامله، فلم يصل إلى صنعاء إلا وهو مثل فرخ الحمام، وانصدع صدره عن قلبه فهلك شر هلكة. وقد أخبر الله تعالى بذلك في كتابه فقال:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ. تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُول.} (سورة الفيل)
وقد حدثت هذه الواقعة في شهر المحرم قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسين يوما تقريبا .وهو يوافق فبراير سنة 571م.
ووقعت في ظروف ساعدت على وصول خبرها إلى معظم أرجاء المعمورة المتحضرة في ذلك الزمن ، فالحبشة كانت ذات صلة قوية بالرومان ، والفرس لهم بالمرصاد يترقبون ما ينزل بهم وبحلفائهم، وهاتان الدولتان كانتا تمثلان العالم المتحضر في ذلك الزمان. فلفتت هذه الواقعة أنظار العالم إلى شرف هذا البيت ومكانته، وأنه هو البيت الذي اصطفاه الله تعالى للتقديس.
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا قَالَ أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَكَثَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه البخاري
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَبُ وَأَبُو بَكْرٍ رَدِيفُهُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُعْرَفُ فِي الطَّرِيقِ لِاخْتِلافِهِ إِلَى الشَّامِ وَكَانَ يَمُرُّ بِالْقَوْمِ فَيَقُولُونَ مَنْ هَذَا بَيْنَ يَدَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ هَادٍ يَهْدِينِي فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ بَعَثَ إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنَ الانْصَارِ إِلَى أَبِي أُمَامَةَ وَأَصْحَابِهِ فَخَرَجُوا إِلَيْهِمَا فَقَالُوا ادْخُلا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ فَدَخَلا قَالَ أَنَسٌ فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ أَنْوَرَ وَلا أَحْسَنَ مِنْ يَوْمِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ الْمَدِينَةَ وَشَهِدْتُ وَفَاتَهُ فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ أَظْلَمَ وَلا أَقْبَحَ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ. رواه أحمد
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلا بِالْقَصِيرِ وَلَيْسَ بِالابْيَضِ الامْهَقِ وَلَيْسَ بِالْآدَمِ وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلا بِالسَّبْطِ بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ. رواه البخاري
حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ وَاللَّفْظُ لأبِي غَسَّانَ وَابْنِ الْمُثَنَّى قَالا حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ أَلا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلالٌ وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الارْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَالَ إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لأبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا، فَقُلْتُ رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً قَالَ اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ قَالَ وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ قَالَ وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ الضَّعِيفُ الَّذِي لا زَبْرَ لَهُ الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لا يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلا مَالًا وَالْخَائِنُ الَّذِي لا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلا خَانَهُ وَرَجُلٌ لا يُصْبِحُ وَلا يُمْسِي إِلا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَذَكَرَ الْبُخْلَ أَوِ الْكَذِبَ وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو غَسَّانَ فِي حَدِيثِهِ وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ و حَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلالٌ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتَوَائِيِّ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ ذَاتَ يَوْمٍ .
وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ يَحْيَى قَالَ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ و حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مَطَرٍ حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ قَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ خَطِيبًا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ وَزَادَ فِيهِ وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ وَهُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لا يَبْغُونَ أَهْلًا وَلا مَالًا فَقُلْتُ فَيَكُونُ ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَاللَّهِ لَقَدْ أَدْرَكْتُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْعَى عَلَى الْحَيِّ مَا بِهِ إِلا وَلِيدَتُهُمْ يَطَؤُهَا. رواه مسلم
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ قَالَ وَلا أَعْلَمُهُ إِلا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ فَقَالَ جِبْرِيلُ إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ قَالَ أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ أَوْ عَبْدًا رَسُولا قَالَ جِبْرِيلُ تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ قَالَ بَلْ عَبْدًا رَسُولا. رواه أحمد
حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلِي وَمَثَلُ الانْبِيَاءِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْفَرَاشُ وَالْجَنَادِبُ يَقَعْنَ فِيهَا قَالَ وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا قَالَ وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي. رواه أحمد
أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ بَحِيرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ كَيْفَ كَانَ أَوَّلُ شَأْنِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ كَانَتْ حَاضِنَتِي مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنٌ لَهَا فِي بَهْمٍ لَنَا وَلَمْ نَأْخُذْ مَعَنَا زَادًا فَقُلْتُ يَا أَخِي اذْهَبْ فَأْتِنَا بِزَادٍ مِنْ عِنْدِ أُمِّنَا فَانْطَلَقَ أَخِي وَمَكَثْتُ عِنْدَ الْبَهْمِ، فَأَقْبَلَ طَائِرَانِ أَبْيَضَانِ كَأَنَّهُمَا نَسْرَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَهُوَ هُوَ قَالَ الْآخَرُ نَعَمْ فَأَقْبَلا يَبْتَدِرَانِي فَأَخَذَانِي فَبَطَحَانِي لِلْقَفَا فَشَقَّا بَطْنِي ثُمَّ اسْتَخْرَجَا قَلْبِي فَشَقَّاهُ فَأَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ ائْتِنِي بِمَاءِ ثَلْجٍ فَغَسَلَ بِهِ جَوْفِي ثُمَّ قَالَ ائْتِنِي بِمَاءِ بَرَدٍ فَغَسَلَ بِهِ قَلْبِي ثُمَّ قَالَ ائْتِنِي بِالسَّكِينَةِ فَذَرَّهُ فِي قَلْبِي ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حُصْهُ فَحَاصَهُ وَخَتَمَ عَلَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اجْعَلْهُ فِي كِفَّةٍ وَاجْعَلْ أَلْفًا مِنْ أُمَّتِهِ فِي كِفَّةٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَنَا أَنْظُرُ إِلَى الالْفِ فَوْقِي أُشْفِقُ أَنْ يَخِرَّ عَلَيَّ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَوْ أَنَّ أُمَّتَهُ وُزِنَتْ بِهِ لَمَالَ بِهِمْ ثُمَّ انْطَلَقَا وَتَرَكَانِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرِقْتُ فَرَقًا شَدِيدًا ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا بِالَّذِي لَقِيتُ فَأَشْفَقَتْ أَنْ يَكُونَ قَدِ الْتَبَسَ بِي فَقَالَتْ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ فَرَحَلَتْ بَعِيرًا لَهَا فَجَعَلَتْنِي عَلَى الرَّحْلِ وَرَكِبَتْ خَلْفِي حَتَّى بُلْغَتِنَا إِلَى أُمِّي فَقَالَتْ أَدَّيْتُ أَمَانَتِي وَذِمَّتِي وَحَدَّثَتْهَا بِالَّذِي لَقِيتُ فَلَمْ يَرُعْهَا ذَلِكَ وَقَالَتْ إِنِّي رَأَيْتُ حِينَ خَرَجَ مِنِّي يَعْنِي نُورًا أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ. رواه الدارمى
حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ فَمَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا وَقُبِضَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ. رواه أحمد
وحَدَّثَنِي ابْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَمْ أَتَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ فَقَالَ مَا كُنْتُ أَحْسِبُ مِثْلَكَ مِنْ قَوْمِهِ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَاكَ قَالَ قُلْتُ إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ النَّاسَ فَاخْتَلَفُوا عَلَيَّ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَ قَوْلَكَ فِيهِ قَالَ أَتَحْسُبُ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَمْسِكْ أَرْبَعِينَ بُعِثَ لَهَا خَمْسَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ يَأْمَنُ وَيَخَافُ وَعَشْرَ مِنْ مُهَاجَرِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ. رواه مسلم
حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَبُو غَالِبٍ الْبَاهِلِيُّ شَهِدَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ فَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ زِيَادٍ الْعَدَوِيُّ يَا أَبَا حَمْزَةَ سِنُّ أَيِّ الرِّجَالِ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ بُعِثَ قَالَ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ ثُمَّ كَانَ مَاذَا قَالَ كَانَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ فَتَمَّتْ لَهُ سِتُّونَ سَنَةً ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ قَالَ سِنُّ أَيِّ الرِّجَالِ هُوَ يَوْمَئِذٍ قَالَ كَأَشَبِّ الرِّجَالِ وَأَحْسَنِهِ وَأَجْمَلِهِ وَأَلْحَمِهِ قَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ هَلْ غَزَوْتَ مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ غَزَوْتُ مَعَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَخَرَجَ الْمُشْرِكُونَ بِكَثْرَةٍ فَحَمَلُوا عَلَيْنَا حَتَّى رَأَيْنَا خَيْلَنَا وَرَاءَ ظُهُورِنَا وَفِي الْمُشْرِكِينَ رَجُلٌ يَحْمِلُ عَلَيْنَا فَيَدُقُّنَا وَيُحَطِّمُنَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَوَلَّوْا. فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَى الْفَتْحَ فَجَعَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاءُ بِهِمْ أُسَارَى رَجُلًا رَجُلًا فَيُبَايِعُونَهُ عَلَى الْإِسْلامِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عَلَيَّ نَذْرًا لَئِنْ جِيءَ بِالرَّجُلِ الَّذِي كَانَ مُنْذُ الْيَوْمِ يُحَطِّمُنَا لاضْرِبَنَّ عُنُقَهُ قَالَ فَسَكَتَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجِيءَ بِالرَّجُلِ فَلَمَّا رَأَى نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ تُبْتُ إِلَى اللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ تُبْتُ إِلَى اللَّهِ فَأَمْسَكَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُبَايِعْهُ لِيُوفِيَ الْآخَرُ نَذْرَهُ قَالَ فَجَعَلَ يَنْظُرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَأْمُرَهُ بِقَتْلِهِ وَجَعَلَ يَهَابُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَمَّا رَأَى نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَصْنَعُ شَيْئًا يَأْتِيهِ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ نَذْرِي قَالَ لَمْ أُمْسِكْ عَنْهُ مُنْذُ الْيَوْمِ إِلا لِتُوفِيَ نَذْرَكَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلا أَوْمَضْتَ إِلَيَّ فَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ. رواه أحمد
حياته قبل البعثة
الثمرة الطيبة لا تخرج من شجرة خبيثة الأصل، والبناء الشامخ لا بد له من أساس متين، ونبيٍّ يراد له أن يحمل هداية الله إلى العالمين حتى قيام الساعة، لا بد أن تتعهده رعاية الله وتوجيهه حتى يؤهل للقيام بهذه المهمة الجليلة. ولا شك أن شرف نسبه وأسرته (صلى الله عليه وسلم) ورعاية الله له في مولده ورضاعته، وتعهده به صلى الله عليه وسلم، في طفولته وصباه، ثم الكيفية التي قضى بها النبي الكريم حياته من الشباب إلى البعثة، لا شك أن ذلك كله كان تقديمًا رائعًا لبعثة نبيٍّ عظيم.
نسبه وأسرته (صلى الله عليه وسلم)
اصطفى الله سبحانه وتعالى نبيه (صلى الله عليه وسلم) من أزكى ولد إسماعيل نسبًا، وشرف النسب لا يمنح الرجل الخامل ذكرًا أو شرفًا، لكن اجتماعه لمن اتصف بحميد الخلق، واكتسى بالهيبة، وتزين بالعقل والحلم، يزيده قدرًا وشرفًا ورفعة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو: مُحَمّد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وينقسم نسبه -صلى الله عليه وسلم- إلى ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول إلى عدنان
الجزء الثانى إلى إبراهيم (عليه السلام)
الجزء الثالث إلى آدم (عليه السلام)
وقد اتفق على صحة الجزء الأول لكن اختلف في الجزئين التاليين، أما أمه (صلى الله عليه وسلم) فهي: السيدة آمنة بنت وهب.
الجزء الأول
مُحَمّد بن عبد الله بن عبد المطلب وأسمه شيبة بن هاشم وأسمه عمرو بن عبد مناة وأسمه المغيرة (بن قصي وأسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وهو الملقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة بن مالك بن النضر وأسمه قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة وأسمه عامر بن إلياس بن مضر بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وهذا الجزء هو الذي اتفق على صحته أهل السير والأنساب).
[size=9]
[b]مولده ورضاعته (صلى الله عليه وسلم)
آمنة
هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب -أم رسول الله-، وأفضل امرأة في قريش يومئذ نسبًا وموضعًا، أما أبوها فسيد بنى زهرة نسبًا وشرفًا. تزوجت آمنة من عبد الله بن عبد المطلب، فلما حملت به رأت أنه خرج منها نور أضاءت به قصور الشام، ثم تأيمت وجنينها بعد لم ير النور، ووضعته فكان خير من وضعت امرأة إلى قيام الساعة، وقد توفيت بالأبواء بين مكة والمدينة وهى في طريق عودتها إلى مكة بعد أن زارت بمُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) وهو ابن ست سنين أخواله من بنى عدى بن النجار. وبنو عدى بن النجار أخوال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأن منهم سلمى بنت عمرو النجارية زوجة هاشم وأم عبد المطلب جد رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
حملت صبيحة الإثنين التاسع من شهر ربيع الأول لأول عام من حادثة الفيل، والموافق للعشرين أو الثاني والعشرين من إبريل عام (571م) حملت صبيحة ذلك اليوم للدنيا أجمل وأجل هدية: ميلاد مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) ولم تجد آمنة أمُّ خاتم النبيين يد عبد الله زوجها؛ لتربت عليها، وتشاركها فرحتها بوليدها الصغير، ولكنها أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بالغلام النجيب، وامتلأ قلب الشيخ الذى كساه الحزن؛ لفقد ولده الشاب الأثير- امتلأ بالبهجة والبشر، وأسرع فأخذه، وسار به حتى دخل الكعبة، ثم دعا الله وشكر له، واختار له اسم مُحَمّد، ولما كان اليوم السابع لمولده ختنه على عادة العرب، وأمر بناقة فنحرت، ثم دعا رجالاً من قريش فحضروا وطعموا. وكانت عادة ساكني الحضر من العرب يومئذ أن يلتمسوا المراضع لأولادهم، لتقوى أجسامهم، ويتقنوا اللسان العربي فى مهدهم، فالتمس عبد المطلب من ترضع حفيده المحبوب، حتى صار الأمر لامرأة من بنى سعد بن بكر هي: حليمة بنت أبى ذؤيب، وفى ديار حليمة نشأ مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) وتحرك لسانه بما تعلم، ودبت قدماه تسعى في ديار بنى سعد وباديتهم، وبهذه البادية حدثت له (صلى الله عليه وسلم) حادثة شق الصدر الشهيرة، والتي كانت إرهاصًا بعظم شأنه (صلى الله عليه وسلم).
في ديار حليمة
خرجت حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية مع نسوة من بنى سعد بن بكر يلتمسن الرضعاء، وما إن وصلت مكة حتى التقطت كل واحدة منهن رضيعًا ألقمته ثديها، ولم يبق بمكة إلا رضيع واحد ومرضعة واحدة، أما الرضيع فكان مُحَمّدا (صلى الله عليه وسلم)، ترك ليتمه، فكانت كل واحدة منهن تقول: يتيم! وما عسى أن تصنع أمه وجده؟!، وأما المرضعة فكانت حليمة السعدية، ويبدو مما نقل إلينا من الروايات أنها كانت على حال بالغة من الضعف والوهن، فأبت أمهات قريش أن يدعن لها بنيهن، ولم ترض حليمة أن تعود لديارها خالية الوفاض، فعادت ليتيم مكة، بعد أن زهدته، وشجعها على ذلك زوجها أبو كبشة الحارث بن عبد العزي قائلاً: لا عليك أن تفعلي، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة. وما إن التقم فم مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) ثديها حتى امتلأ من بعد جفاف باللبن، فشرب، وشرب أخوه ونام، وما كان قبلها يصنع ذلك، وإذا دابتها العجفاء تسبق دواب صويحباتها، وإذا ضرع غنمها حافل باللبن، فباتت حليمة وزوجها وابنها فى خير ليلة، وأصبح زوجها يقول لها: تعلمي والله يا حليمة؟! لقد أخذت نسمة مباركة. وترددت أنفاس مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) الزكية في دار حليمة، فامتدت إليها البركة، فسمنت غنمها، وزاد لبنها وبارك الله لها في كل ما عندها، حتى كان بنو سعد يقولون لرعيانهم: ويلكم! اسرحوا حيث يسرح راعى بنت أبى ذؤيب. وأتم مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) سنتين، ففطمته حليمة، وذهبت به إلى آمنة تلح عليها -لما رأت معه من الخير- أن تتركه لها مزيدًا من الوقت، ولم تزل بها حتى ردته إليها، فمكث فى بنى سعد، حتى سن الرابعة أو الخامسة. وفى هذه السن وقعت له حادثة شق الصدر، فخشيت عليه حليمة أن يكون أصابه سوء، فردته إلى أمه بمكة.
حادثة شق الصدر
بينا مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) يلعب مع الغلمان، في ديار حليمة السعدية، وقد ناهز سنه يومئذ الرابعة أو الخامسة، حدثت له حادثة عجيبة، إذ أتاه الملك، فأخذه فصرعه، ثم شق صدره، واستخرج قلبه، وأخرج منه علقة، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم أعاده إلي مكانه، وغدا الغلمان إلي أمه حليمة ينبهونها قائلين إن مُحَمّدا قد قتل، فأسرعت إليه حليمة، واستقبلته وهو منتقع اللون، وخشيت حليمة وزوجها أن يكون أصابه سوء فبادرا برده إلي أمه آمنة بمكة.
طفولته وصباه (صلي الله عليه وسلم)
عاد مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) من ديار حليمة إلي أحضان أمه، التي طال اشتياقها إليه، وحنت عليه آمنة حتى بلغ عندها ست سنين، ثم إن الأرملة الوفية لذكري زوجها الشاب عبد الله، قد عزمت أن ترحل إليه بالمدينة، فتري قبره، وتُري مُحَمّدا أخواله من بني النجار، خرجت آمنة في رحلة تبلغ خمسمائة كيلو متر، تصحب ابنها وخادمتها أم أيمن، ويصحبها عبد المطلب، يحدوهم جميعًا حنينهم إلي قبر عبد الله، ومكثت آمنة بالمدينة شهرًا، ثم عُقِدَ العزم علي الرحيل، لكنْ مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) وقد طالعت عيناه قبر أبيه فتجسد لديه معني اليتم جليًا، كانت الأقدار تخبئ له مفاجأة أليمة أخري فقد ألح المرض علي أمه ولاحقها، حتى قضت نحبها بالأبواء بين مكة والمدينة، وعاد يتيم الأبوين حزينًا مع جده العطوف إلي مكة، فيكرمه جده، ويحبه، ويحنو عليه، بل ويقدمه علي أبنائه، ويروي أن فراشًا كان يبسط لعبد المطلب في ظل الكعبة لا يقربه أحد إجلالاً له حتى يخرج إليه، فكان رسول الله (صلي الله عليه وسلم) يأتي فيجلس عليه، فإن أراد أعمامه أن يؤخروه ولمحهم جده نهاهم عن ذلك، وأقره علي ما يصنع، لكن أين يجد شيخ الثمانين متسعًا من الوقت ينشئ فيه حفيده؟. عاجلت المنية عبد المطلب فمات، وقد أوصي ابنه أبا طالب برعاية الحفيد اليتيم، وقام أبو طالب بمهمته خير قيام، وظل يساند ظهر مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) ويعضد جانبه ما يربو علي الأربعين عامًا، ورحل مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) معه إلي الشام مرة وهو في الثانية عشرة من عمره، فلقيا في الطريق بحيرا الراهب، فعلم أنه نبي هذه الأمة ورده إلي مكة مخافة عليه، وشارك قريشًا حربها ضد قيس عيلان، وهو بعد في الخامسة عشرة في حرب الفجار، ثم شهد علي أثره حلف الفضول بدار ابن جدعان إذ تحالفوا علي نصرة المظلوم والغريب. وهكذا قضي النبي الكريم (صلي الله عليه وسلم)، طفولة امتزج فيها حنان الجد بألم اليتم والفراق، واللعب واللهو بالجد والحرب مع الكبار.
حين بلغ مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) اثنتي عشرة سنة ارتحل مع عمه أبي طالب إلي الشام في تجارة له، ونزل الركب ببصري فالتقيهم راهب صالح يدعي بحيرا (واسمه جرجيس). وعلم الراهب من أمر مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) ما جهله قومه وأهله، فسأل أبا طالب عنه فقال: ابني. فأجابه: ما ينبغي أن يكون أبوه حيًا!. وتعجب أبو طالب من علم بحيرا! فقال له: فإنه ابن أخي مات أبوه وأمه حبلي به. فأجابه بحيرا مقتضبـًا وناصحـًا: صدقت، ارجع به إلي بلدك، واحذر عليه يهود. فأسرع أبو طالب برده مع بعض غلمانه إلي مكة، ويبدو أن بحيرا قد عرفه من خاتم النبوة الذي بظهره (كما جاء في بعض الروايات)، ومما كان يقرؤه بكتبه من قرب بعثة نبي بعد عيسي (عليه السلام)، ومن إمارات ذلك النبي وعلاماته.
[/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b] [/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b]النبي الأمي العربي، من بني هاشم، ولد في مكة بعد وفاة أبيه عبد الله بأشهر قليلة، توفيت أمه آمنة وهو لا يزال طفلا، كفله جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب، ورعى الغنم لزمن، تزوج من السيدة خديجة بنت خويلد وهو في الخامسة والعشرين من عمره، دعا الناس إلى الإسلام أي إلى الإيمان بالله الواحد ورسوله، بدأ دع[/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b]وته في مكة فاضطهده أهلها فهاجر إلى المدينة حيث اجتمع حوله عدد من الأنصار عام 622 م فأصبحت هذه السنة بدء التاريخ الهجري، توفي بعد أن حج حجة الوداع.[/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b]محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) سيد الخلق وإمام الأنبياء، وحامل خاتم رسالات رب العالمين إلى الناس، النبي الأمي الذي سنتجول في دروب حياته، نتنسم سيرته، ونتعقب خطواته، ونتسمع أخباره، ونسعى في صحراء الجزيرة العربية نبحث، ونفتش ونقلب كتب التاريخ كي نتلمس آثاره، وفى رحلتنا تلك سنشاهد أحوال العالم قبل البعثة، ونطالع فصوب حياته قبل نزول الوحي، ونتفهم كيف بدأ الدعوة سرًا؟، وكيف جهر بها؟، وكيف خرج بها من مكة؟، بل كيف خرج هو -صلى الله عليه وسلم- من مكة مهاجرًا إلى مدينته المنورة، حيث أسس لدعوته الدولة التي تحملها للناس، وسنرى كيف جاهد ببسالة كفار قريش؟ دفاعًا عن مدينته، حتى وقعت بينهما الهدنة. وما كسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعدها قط، وما خلد إلى الراحة في دولته، بل جعل الهدنة فرصة ليثبت أمر الدين، وينشر نور الحق، إلى أن كان الفتح، وكان دخول الناس في دين الله أفواجًا. وفى رحلتنا تلك لن ننسى أن نلمح بيته ونعرف صفته، وندرك ما جعل الله على يديه من معجزات براقة.[/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b] [/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b]نستعرض هنا[/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b][b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b] سيرة المُصطفى (عليه أفضل الصلاة والسلام) في هذه الفصول التالية :[/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b]
[b][size=9][size=9][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9][b][size=9]
[b]الفصل الأول
عام الفيل
إن الله تعالى يخلق ما يشاء ويختار{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَار}(القصص:68) خلق الإنسان وفضل بعضه على بعض، وخلق الزمان وفضل بعضه على بعض، وخلق المكان وفضل بعضه على بعض، ومن الأماكن التي اختارها سبحانه وفضلها على سائر بقاع الأرض، مكة المكرمة، التي فيها البيت العتيق، وهو أول بيت وضع للناس، وقد حرسه الله وحماه وأحاطه برعايته ورد عنه كيد المجرمين، ومن ذلك حادثة الفيل المشهورة التي سجل الله وقائعها في القرآن الكريم فما خبر هذه الواقعة ؟ هذا ما سنقف عليه في هذه الأسطر :
ذكرت كُتب السيرة أن أبرهة الحبشي كان نائباً للنجاشي على اليمن، فرأى العرب يحجون إلى الكعبة، ويعظمونها، فلم يرق له ذلك، وأراد أن يصرف الناس عنها، فبني كنيسة كبيرة بصنعاء ، ليحج الناس إليها بدلاً من الكعبة، فلما سمع بذلك رجل من بني كنانة دخل الكنيسة ليلاً، فبال وتغوط فيها ، فلما علم أبرهة بذلك سأل عن الفاعل فقيل له، صنع هذا رجل من العرب من أهل البيت الذي تحج العرب إليه بمكة ، فغضب أبرهة وحلف أن يذهب إلى مكة ليهدمها، فجهَّز جيشاً كبيرا، وأنطلق قاصداً البيت العتيق يريد هدمه، وكان من جملة دوابهم التي يركبون عليها الفيل-الذي لا تعرفه العرب بأرضها- فأصاب العرب خوفٌ شديد،ٌولم يجد أبرهة في طريقه إلا مقاومة يسيرة من بعض القبائل العربية التي تعظم البيت، أما أهل مكة فقد تحصنوا في الجبال ولم يقاوموه.
وجاء عبد المطلب يطلب إبلاً له أخذها جيش أبرهة، فقال له أبرهة: كنتَ قد أعجبتني حين رأيتُك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أخذتها منك، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك، قد جئتُ لهدمه، لا تكلمني فيه ! قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت رباً يحميه،
فقال أبرهة: ما كان ليمتنع مني
قال عبد المطلب :أنت وذاك.وأنشد يقول: لاهُمَّ إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك لايغلبنَّ صليبهم ومحالهم غدواً محالك إن كنتَ تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك
فلما أصبح أبرهة عبأ جيشه، وهيأَ فيله لدخول مكة ، فلما كان في وادي محسر-بين مزدلفة ومنى- برك الفيل، وامتنع عن التقدم نحو مكة ، وكانوا إذا وجهوه إلى الجنوب، أو الشمال ، أو الشرق، انقاد لذلك، وإذا وجهوه للكعبة برك وامتنع، وبينما هم على هذه الحالة ، إذ أرسل الله عليهم طيراً أبابيل (ومعنى أبابيل يتبع بعضها بعضاً) مع كل طائر ثلاثة أحجار، حجر في منقاره وحجران في رجليه، لا تصيب منهم أحداً إلا تقطعت أعضاؤه ، وهلك.
أما أبرهة فقد أصابه الله بداء، تساقطت بسببه أنامله، فلم يصل إلى صنعاء إلا وهو مثل فرخ الحمام، وانصدع صدره عن قلبه فهلك شر هلكة. وقد أخبر الله تعالى بذلك في كتابه فقال:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ. تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُول.} (سورة الفيل)
وقد حدثت هذه الواقعة في شهر المحرم قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسين يوما تقريبا .وهو يوافق فبراير سنة 571م.
ووقعت في ظروف ساعدت على وصول خبرها إلى معظم أرجاء المعمورة المتحضرة في ذلك الزمن ، فالحبشة كانت ذات صلة قوية بالرومان ، والفرس لهم بالمرصاد يترقبون ما ينزل بهم وبحلفائهم، وهاتان الدولتان كانتا تمثلان العالم المتحضر في ذلك الزمان. فلفتت هذه الواقعة أنظار العالم إلى شرف هذا البيت ومكانته، وأنه هو البيت الذي اصطفاه الله تعالى للتقديس.
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا قَالَ أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَكَثَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه البخاري
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَبُ وَأَبُو بَكْرٍ رَدِيفُهُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُعْرَفُ فِي الطَّرِيقِ لِاخْتِلافِهِ إِلَى الشَّامِ وَكَانَ يَمُرُّ بِالْقَوْمِ فَيَقُولُونَ مَنْ هَذَا بَيْنَ يَدَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ هَادٍ يَهْدِينِي فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ بَعَثَ إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنَ الانْصَارِ إِلَى أَبِي أُمَامَةَ وَأَصْحَابِهِ فَخَرَجُوا إِلَيْهِمَا فَقَالُوا ادْخُلا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ فَدَخَلا قَالَ أَنَسٌ فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ أَنْوَرَ وَلا أَحْسَنَ مِنْ يَوْمِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ الْمَدِينَةَ وَشَهِدْتُ وَفَاتَهُ فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ أَظْلَمَ وَلا أَقْبَحَ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ. رواه أحمد
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلا بِالْقَصِيرِ وَلَيْسَ بِالابْيَضِ الامْهَقِ وَلَيْسَ بِالْآدَمِ وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلا بِالسَّبْطِ بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ. رواه البخاري
حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ وَاللَّفْظُ لأبِي غَسَّانَ وَابْنِ الْمُثَنَّى قَالا حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ أَلا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلالٌ وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الارْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَالَ إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لأبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا، فَقُلْتُ رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً قَالَ اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ قَالَ وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ قَالَ وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ الضَّعِيفُ الَّذِي لا زَبْرَ لَهُ الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لا يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلا مَالًا وَالْخَائِنُ الَّذِي لا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلا خَانَهُ وَرَجُلٌ لا يُصْبِحُ وَلا يُمْسِي إِلا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَذَكَرَ الْبُخْلَ أَوِ الْكَذِبَ وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو غَسَّانَ فِي حَدِيثِهِ وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ و حَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلالٌ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتَوَائِيِّ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ ذَاتَ يَوْمٍ .
وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ يَحْيَى قَالَ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ و حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مَطَرٍ حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ قَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ خَطِيبًا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ وَزَادَ فِيهِ وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ وَهُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لا يَبْغُونَ أَهْلًا وَلا مَالًا فَقُلْتُ فَيَكُونُ ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَاللَّهِ لَقَدْ أَدْرَكْتُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْعَى عَلَى الْحَيِّ مَا بِهِ إِلا وَلِيدَتُهُمْ يَطَؤُهَا. رواه مسلم
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ قَالَ وَلا أَعْلَمُهُ إِلا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ فَقَالَ جِبْرِيلُ إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ قَالَ أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ أَوْ عَبْدًا رَسُولا قَالَ جِبْرِيلُ تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ قَالَ بَلْ عَبْدًا رَسُولا. رواه أحمد
حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلِي وَمَثَلُ الانْبِيَاءِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْفَرَاشُ وَالْجَنَادِبُ يَقَعْنَ فِيهَا قَالَ وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا قَالَ وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي. رواه أحمد
أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ بَحِيرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ كَيْفَ كَانَ أَوَّلُ شَأْنِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ كَانَتْ حَاضِنَتِي مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنٌ لَهَا فِي بَهْمٍ لَنَا وَلَمْ نَأْخُذْ مَعَنَا زَادًا فَقُلْتُ يَا أَخِي اذْهَبْ فَأْتِنَا بِزَادٍ مِنْ عِنْدِ أُمِّنَا فَانْطَلَقَ أَخِي وَمَكَثْتُ عِنْدَ الْبَهْمِ، فَأَقْبَلَ طَائِرَانِ أَبْيَضَانِ كَأَنَّهُمَا نَسْرَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَهُوَ هُوَ قَالَ الْآخَرُ نَعَمْ فَأَقْبَلا يَبْتَدِرَانِي فَأَخَذَانِي فَبَطَحَانِي لِلْقَفَا فَشَقَّا بَطْنِي ثُمَّ اسْتَخْرَجَا قَلْبِي فَشَقَّاهُ فَأَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ ائْتِنِي بِمَاءِ ثَلْجٍ فَغَسَلَ بِهِ جَوْفِي ثُمَّ قَالَ ائْتِنِي بِمَاءِ بَرَدٍ فَغَسَلَ بِهِ قَلْبِي ثُمَّ قَالَ ائْتِنِي بِالسَّكِينَةِ فَذَرَّهُ فِي قَلْبِي ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حُصْهُ فَحَاصَهُ وَخَتَمَ عَلَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اجْعَلْهُ فِي كِفَّةٍ وَاجْعَلْ أَلْفًا مِنْ أُمَّتِهِ فِي كِفَّةٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَنَا أَنْظُرُ إِلَى الالْفِ فَوْقِي أُشْفِقُ أَنْ يَخِرَّ عَلَيَّ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَوْ أَنَّ أُمَّتَهُ وُزِنَتْ بِهِ لَمَالَ بِهِمْ ثُمَّ انْطَلَقَا وَتَرَكَانِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرِقْتُ فَرَقًا شَدِيدًا ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا بِالَّذِي لَقِيتُ فَأَشْفَقَتْ أَنْ يَكُونَ قَدِ الْتَبَسَ بِي فَقَالَتْ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ فَرَحَلَتْ بَعِيرًا لَهَا فَجَعَلَتْنِي عَلَى الرَّحْلِ وَرَكِبَتْ خَلْفِي حَتَّى بُلْغَتِنَا إِلَى أُمِّي فَقَالَتْ أَدَّيْتُ أَمَانَتِي وَذِمَّتِي وَحَدَّثَتْهَا بِالَّذِي لَقِيتُ فَلَمْ يَرُعْهَا ذَلِكَ وَقَالَتْ إِنِّي رَأَيْتُ حِينَ خَرَجَ مِنِّي يَعْنِي نُورًا أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ. رواه الدارمى
حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ فَمَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا وَقُبِضَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ. رواه أحمد
وحَدَّثَنِي ابْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَمْ أَتَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ فَقَالَ مَا كُنْتُ أَحْسِبُ مِثْلَكَ مِنْ قَوْمِهِ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَاكَ قَالَ قُلْتُ إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ النَّاسَ فَاخْتَلَفُوا عَلَيَّ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَ قَوْلَكَ فِيهِ قَالَ أَتَحْسُبُ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَمْسِكْ أَرْبَعِينَ بُعِثَ لَهَا خَمْسَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ يَأْمَنُ وَيَخَافُ وَعَشْرَ مِنْ مُهَاجَرِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ. رواه مسلم
حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَبُو غَالِبٍ الْبَاهِلِيُّ شَهِدَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ فَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ زِيَادٍ الْعَدَوِيُّ يَا أَبَا حَمْزَةَ سِنُّ أَيِّ الرِّجَالِ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ بُعِثَ قَالَ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ ثُمَّ كَانَ مَاذَا قَالَ كَانَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ فَتَمَّتْ لَهُ سِتُّونَ سَنَةً ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ قَالَ سِنُّ أَيِّ الرِّجَالِ هُوَ يَوْمَئِذٍ قَالَ كَأَشَبِّ الرِّجَالِ وَأَحْسَنِهِ وَأَجْمَلِهِ وَأَلْحَمِهِ قَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ هَلْ غَزَوْتَ مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ غَزَوْتُ مَعَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَخَرَجَ الْمُشْرِكُونَ بِكَثْرَةٍ فَحَمَلُوا عَلَيْنَا حَتَّى رَأَيْنَا خَيْلَنَا وَرَاءَ ظُهُورِنَا وَفِي الْمُشْرِكِينَ رَجُلٌ يَحْمِلُ عَلَيْنَا فَيَدُقُّنَا وَيُحَطِّمُنَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَوَلَّوْا. فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَى الْفَتْحَ فَجَعَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاءُ بِهِمْ أُسَارَى رَجُلًا رَجُلًا فَيُبَايِعُونَهُ عَلَى الْإِسْلامِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عَلَيَّ نَذْرًا لَئِنْ جِيءَ بِالرَّجُلِ الَّذِي كَانَ مُنْذُ الْيَوْمِ يُحَطِّمُنَا لاضْرِبَنَّ عُنُقَهُ قَالَ فَسَكَتَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجِيءَ بِالرَّجُلِ فَلَمَّا رَأَى نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ تُبْتُ إِلَى اللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ تُبْتُ إِلَى اللَّهِ فَأَمْسَكَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُبَايِعْهُ لِيُوفِيَ الْآخَرُ نَذْرَهُ قَالَ فَجَعَلَ يَنْظُرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَأْمُرَهُ بِقَتْلِهِ وَجَعَلَ يَهَابُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَمَّا رَأَى نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَصْنَعُ شَيْئًا يَأْتِيهِ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ نَذْرِي قَالَ لَمْ أُمْسِكْ عَنْهُ مُنْذُ الْيَوْمِ إِلا لِتُوفِيَ نَذْرَكَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلا أَوْمَضْتَ إِلَيَّ فَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ. رواه أحمد
حياته قبل البعثة
الثمرة الطيبة لا تخرج من شجرة خبيثة الأصل، والبناء الشامخ لا بد له من أساس متين، ونبيٍّ يراد له أن يحمل هداية الله إلى العالمين حتى قيام الساعة، لا بد أن تتعهده رعاية الله وتوجيهه حتى يؤهل للقيام بهذه المهمة الجليلة. ولا شك أن شرف نسبه وأسرته (صلى الله عليه وسلم) ورعاية الله له في مولده ورضاعته، وتعهده به صلى الله عليه وسلم، في طفولته وصباه، ثم الكيفية التي قضى بها النبي الكريم حياته من الشباب إلى البعثة، لا شك أن ذلك كله كان تقديمًا رائعًا لبعثة نبيٍّ عظيم.
نسبه وأسرته (صلى الله عليه وسلم)
اصطفى الله سبحانه وتعالى نبيه (صلى الله عليه وسلم) من أزكى ولد إسماعيل نسبًا، وشرف النسب لا يمنح الرجل الخامل ذكرًا أو شرفًا، لكن اجتماعه لمن اتصف بحميد الخلق، واكتسى بالهيبة، وتزين بالعقل والحلم، يزيده قدرًا وشرفًا ورفعة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو: مُحَمّد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وينقسم نسبه -صلى الله عليه وسلم- إلى ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول إلى عدنان
الجزء الثانى إلى إبراهيم (عليه السلام)
الجزء الثالث إلى آدم (عليه السلام)
وقد اتفق على صحة الجزء الأول لكن اختلف في الجزئين التاليين، أما أمه (صلى الله عليه وسلم) فهي: السيدة آمنة بنت وهب.
الجزء الأول
مُحَمّد بن عبد الله بن عبد المطلب وأسمه شيبة بن هاشم وأسمه عمرو بن عبد مناة وأسمه المغيرة (بن قصي وأسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وهو الملقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة بن مالك بن النضر وأسمه قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة وأسمه عامر بن إلياس بن مضر بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وهذا الجزء هو الذي اتفق على صحته أهل السير والأنساب).
[size=9]
الفصل الثاني
[b]مولده ورضاعته (صلى الله عليه وسلم)
آمنة
هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب -أم رسول الله-، وأفضل امرأة في قريش يومئذ نسبًا وموضعًا، أما أبوها فسيد بنى زهرة نسبًا وشرفًا. تزوجت آمنة من عبد الله بن عبد المطلب، فلما حملت به رأت أنه خرج منها نور أضاءت به قصور الشام، ثم تأيمت وجنينها بعد لم ير النور، ووضعته فكان خير من وضعت امرأة إلى قيام الساعة، وقد توفيت بالأبواء بين مكة والمدينة وهى في طريق عودتها إلى مكة بعد أن زارت بمُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) وهو ابن ست سنين أخواله من بنى عدى بن النجار. وبنو عدى بن النجار أخوال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأن منهم سلمى بنت عمرو النجارية زوجة هاشم وأم عبد المطلب جد رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
حملت صبيحة الإثنين التاسع من شهر ربيع الأول لأول عام من حادثة الفيل، والموافق للعشرين أو الثاني والعشرين من إبريل عام (571م) حملت صبيحة ذلك اليوم للدنيا أجمل وأجل هدية: ميلاد مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) ولم تجد آمنة أمُّ خاتم النبيين يد عبد الله زوجها؛ لتربت عليها، وتشاركها فرحتها بوليدها الصغير، ولكنها أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بالغلام النجيب، وامتلأ قلب الشيخ الذى كساه الحزن؛ لفقد ولده الشاب الأثير- امتلأ بالبهجة والبشر، وأسرع فأخذه، وسار به حتى دخل الكعبة، ثم دعا الله وشكر له، واختار له اسم مُحَمّد، ولما كان اليوم السابع لمولده ختنه على عادة العرب، وأمر بناقة فنحرت، ثم دعا رجالاً من قريش فحضروا وطعموا. وكانت عادة ساكني الحضر من العرب يومئذ أن يلتمسوا المراضع لأولادهم، لتقوى أجسامهم، ويتقنوا اللسان العربي فى مهدهم، فالتمس عبد المطلب من ترضع حفيده المحبوب، حتى صار الأمر لامرأة من بنى سعد بن بكر هي: حليمة بنت أبى ذؤيب، وفى ديار حليمة نشأ مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) وتحرك لسانه بما تعلم، ودبت قدماه تسعى في ديار بنى سعد وباديتهم، وبهذه البادية حدثت له (صلى الله عليه وسلم) حادثة شق الصدر الشهيرة، والتي كانت إرهاصًا بعظم شأنه (صلى الله عليه وسلم).
في ديار حليمة
خرجت حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية مع نسوة من بنى سعد بن بكر يلتمسن الرضعاء، وما إن وصلت مكة حتى التقطت كل واحدة منهن رضيعًا ألقمته ثديها، ولم يبق بمكة إلا رضيع واحد ومرضعة واحدة، أما الرضيع فكان مُحَمّدا (صلى الله عليه وسلم)، ترك ليتمه، فكانت كل واحدة منهن تقول: يتيم! وما عسى أن تصنع أمه وجده؟!، وأما المرضعة فكانت حليمة السعدية، ويبدو مما نقل إلينا من الروايات أنها كانت على حال بالغة من الضعف والوهن، فأبت أمهات قريش أن يدعن لها بنيهن، ولم ترض حليمة أن تعود لديارها خالية الوفاض، فعادت ليتيم مكة، بعد أن زهدته، وشجعها على ذلك زوجها أبو كبشة الحارث بن عبد العزي قائلاً: لا عليك أن تفعلي، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة. وما إن التقم فم مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) ثديها حتى امتلأ من بعد جفاف باللبن، فشرب، وشرب أخوه ونام، وما كان قبلها يصنع ذلك، وإذا دابتها العجفاء تسبق دواب صويحباتها، وإذا ضرع غنمها حافل باللبن، فباتت حليمة وزوجها وابنها فى خير ليلة، وأصبح زوجها يقول لها: تعلمي والله يا حليمة؟! لقد أخذت نسمة مباركة. وترددت أنفاس مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) الزكية في دار حليمة، فامتدت إليها البركة، فسمنت غنمها، وزاد لبنها وبارك الله لها في كل ما عندها، حتى كان بنو سعد يقولون لرعيانهم: ويلكم! اسرحوا حيث يسرح راعى بنت أبى ذؤيب. وأتم مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) سنتين، ففطمته حليمة، وذهبت به إلى آمنة تلح عليها -لما رأت معه من الخير- أن تتركه لها مزيدًا من الوقت، ولم تزل بها حتى ردته إليها، فمكث فى بنى سعد، حتى سن الرابعة أو الخامسة. وفى هذه السن وقعت له حادثة شق الصدر، فخشيت عليه حليمة أن يكون أصابه سوء، فردته إلى أمه بمكة.
حادثة شق الصدر
بينا مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) يلعب مع الغلمان، في ديار حليمة السعدية، وقد ناهز سنه يومئذ الرابعة أو الخامسة، حدثت له حادثة عجيبة، إذ أتاه الملك، فأخذه فصرعه، ثم شق صدره، واستخرج قلبه، وأخرج منه علقة، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم أعاده إلي مكانه، وغدا الغلمان إلي أمه حليمة ينبهونها قائلين إن مُحَمّدا قد قتل، فأسرعت إليه حليمة، واستقبلته وهو منتقع اللون، وخشيت حليمة وزوجها أن يكون أصابه سوء فبادرا برده إلي أمه آمنة بمكة.
طفولته وصباه (صلي الله عليه وسلم)
عاد مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) من ديار حليمة إلي أحضان أمه، التي طال اشتياقها إليه، وحنت عليه آمنة حتى بلغ عندها ست سنين، ثم إن الأرملة الوفية لذكري زوجها الشاب عبد الله، قد عزمت أن ترحل إليه بالمدينة، فتري قبره، وتُري مُحَمّدا أخواله من بني النجار، خرجت آمنة في رحلة تبلغ خمسمائة كيلو متر، تصحب ابنها وخادمتها أم أيمن، ويصحبها عبد المطلب، يحدوهم جميعًا حنينهم إلي قبر عبد الله، ومكثت آمنة بالمدينة شهرًا، ثم عُقِدَ العزم علي الرحيل، لكنْ مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) وقد طالعت عيناه قبر أبيه فتجسد لديه معني اليتم جليًا، كانت الأقدار تخبئ له مفاجأة أليمة أخري فقد ألح المرض علي أمه ولاحقها، حتى قضت نحبها بالأبواء بين مكة والمدينة، وعاد يتيم الأبوين حزينًا مع جده العطوف إلي مكة، فيكرمه جده، ويحبه، ويحنو عليه، بل ويقدمه علي أبنائه، ويروي أن فراشًا كان يبسط لعبد المطلب في ظل الكعبة لا يقربه أحد إجلالاً له حتى يخرج إليه، فكان رسول الله (صلي الله عليه وسلم) يأتي فيجلس عليه، فإن أراد أعمامه أن يؤخروه ولمحهم جده نهاهم عن ذلك، وأقره علي ما يصنع، لكن أين يجد شيخ الثمانين متسعًا من الوقت ينشئ فيه حفيده؟. عاجلت المنية عبد المطلب فمات، وقد أوصي ابنه أبا طالب برعاية الحفيد اليتيم، وقام أبو طالب بمهمته خير قيام، وظل يساند ظهر مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) ويعضد جانبه ما يربو علي الأربعين عامًا، ورحل مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) معه إلي الشام مرة وهو في الثانية عشرة من عمره، فلقيا في الطريق بحيرا الراهب، فعلم أنه نبي هذه الأمة ورده إلي مكة مخافة عليه، وشارك قريشًا حربها ضد قيس عيلان، وهو بعد في الخامسة عشرة في حرب الفجار، ثم شهد علي أثره حلف الفضول بدار ابن جدعان إذ تحالفوا علي نصرة المظلوم والغريب. وهكذا قضي النبي الكريم (صلي الله عليه وسلم)، طفولة امتزج فيها حنان الجد بألم اليتم والفراق، واللعب واللهو بالجد والحرب مع الكبار.
حين بلغ مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) اثنتي عشرة سنة ارتحل مع عمه أبي طالب إلي الشام في تجارة له، ونزل الركب ببصري فالتقيهم راهب صالح يدعي بحيرا (واسمه جرجيس). وعلم الراهب من أمر مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) ما جهله قومه وأهله، فسأل أبا طالب عنه فقال: ابني. فأجابه: ما ينبغي أن يكون أبوه حيًا!. وتعجب أبو طالب من علم بحيرا! فقال له: فإنه ابن أخي مات أبوه وأمه حبلي به. فأجابه بحيرا مقتضبـًا وناصحـًا: صدقت، ارجع به إلي بلدك، واحذر عليه يهود. فأسرع أبو طالب برده مع بعض غلمانه إلي مكة، ويبدو أن بحيرا قد عرفه من خاتم النبوة الذي بظهره (كما جاء في بعض الروايات)، ومما كان يقرؤه بكتبه من قرب بعثة نبي بعد عيسي (عليه السلام)، ومن إمارات ذلك النبي وعلاماته.
[/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/size][/b][/size]