| من الأشياء المذهلة التي صوّرها لنا كتاب الله عز وجل سقوط النجوم، حيث ظل البشر يظنون أن النجوم ثابتة حتى أثبت العلماء بأن جميع النجوم في الكون لها حياة وتطور وحركة مستمرة.... |
يقول تعالى: (والنجم إذا هوى) [النجم: 1]، تأمل معي كلمة (هوى) التي تعبر بدقة عن حقيقة نهاية النجوم. فالنجم عندما يشيخ ويكبُر ينفجر ويولِّد طاقة هائلة وتتفتت أجزاؤه وتهوي على بعضها لتنكمش من جديد مشكّلة الثقب الأسود أو النجم النيوتروني أو غير ذلك من أنواع النجوم التي لا يعلم حقيقتها إلا الله تعالى، هذه العمليات يسميها العلماء بموت النجوم، ولكن الحقيقة أن النجم لا يموت لأن "الموت" يعني توقف الحركة.
صورة تمثل انهيار نجم وتشكل نوع آخر من النجوم في نظام يبهر العقول ويحير الأفئدة، هذه العمليات الهائلة تحدث باستمرار في هذا الكون من حولنا ولا نكاد نحس بها، وذلك من رحمة الله تعالى بنا. وكما نرى فالنجم لا يموت بل يتحول من نوع لآخر، وتتساقط مادته وتتهاوى على ذاتها باتجاه مركز النجم.
والذي يحدث في النجم هو انفجار وسقوط وتهاوي عظيم وحركة هائلة، وهذا يناسبه قول الحق عز وجل: (هوى) وهي الكلمة التي تعبر عن حقيقة ما يحدث، بينما مصطلح "موت النجوم" غير دقيق من الناحية العلمية فتأمل عظمة القرآن!
إذن العلماء يسمون هذه النهاية بموت النجوم، وهذه التسمية خاطئة علمياً كما قلنا وذلك لأن كلمة (موت) تعني انتهاء الحياة والحركة. بينما هذه النجوم على العكس تماماً، عندما تموت فإنها تنفجر وتتولد فيها حركة عظيمة، وأفضل كلمة تعبر عن حقيقة هذه النهاية هي (هوى): أي سقط بسرعة كبيرة وتفرقت أجزاؤه!
حتى إننا نجد الأبحاث الجديدة حول نهاية النجوم تستخدم كلمة Fall والتي تعني سقط أو هوى، لأن العلماء يشاهدون اليوم سقوط مادة النجم نحو مركزه بسرعات مذهلة، والسؤال الآن: من كان يعلم زمن نزول القرآن بأن للنجوم ولادة وحياة ثم تهوي لتموت؟
لقد تم التقاط صورة حديثة لانفجار نجم بواسطة الأقمار الاصطناعية، ونرى في هذه الصورة منظراً رائعاً يشبه الوردة الحمراء المدهّنة! والعجيب جداً أن العلماء عندما رأوا هذه الصورة أطلقوا عليها اسماً جديداً وهو: "وردة حمراء مدهنة".
صورة بالأشعة السينية لانفجار أحد النجوم ونلاحظ كيف تعبر هذه النجوم عن نفسها بالألوان!!! ولكن الله تعالى وصف لنا هذه الألوان وأخبرنا عن أحداث ستحدث يوم القيامة عندما تنشق السماء، فتبدو بألوان تشبه ألوان الوردة المزخرفة، وهذا المشهد الذي نراه اليوم بأعيننا هو صورة مصغرة عن المشهد الأعظم يوم القيامة!!
والعجيب أن هذه التسمية أطلقها كتاب الله قبل العلماء بأربعة عشر قرناً! يقول عز من قائل: (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن: 37-38]. وسبحان الله العليم! من الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم عن مصطلح علمي لم يتم إطلاقه إلا في نهاية القرن العشرين؟
إن الله عز وجل يستخدم الإعجاز العلمي كوسيلة للبرهان على يوم القيامة. فعندما نرى صورة النجم المنفجر والتي تشبه الوردة الحمراء، وهي نهاية هذا النجم. وعندما يأتي القرآن ليشبّه نهاية العالم بهذه الوردة المدهَّنة، فلا بد أن ندرك أن يوم القيامة سيأتي. وأن نهاية السماء ستكون كنهاية هذا النجم.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الصورة وغيرها من الصور الكونية لا تعبر عن حقيقة يوم القيامة، بل هي صورة مصغرة لنتخيل عظمة وخطورة ذلك اليوم. فالله تعالى وضع لنا في الدنيا النار، وهي نار مصغرة عن نار الآخرة، وهكذا يرينا الله أحداثاً صغيرة في الدنيا لنتخيل العذاب الذي ينتظر المشككين في يوم لا ريب فيه، يقول تعالى: (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) [الزمر: 16].
إن هذه الدقة العلمية الفائقة لتشهد بصدق هذا القرآن وأنه الكتاب الذي وصفه تعالى بأنه تبيان لكل شيء: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل: 89].